كيفية تغيير مجال عملك والعمل في المجال الذي تحب

كيفية تغيير مجال عملك والعمل في المجال الذي تحب

لطالما كرهت حصص الكتابة والتعبير في المدرسة، اذ كنت أحب المواد العلمية أكثر من المواد الأدبية. كما كنت أتجنب عرض كتاباتي أمام الآخرين، فذلك كان يسبب لي احراجاً كبيراً.

في الواقع، كنت أفضّل التعامل مع الأرقام بدلاً من الأحرف، فالأرقام لا تتطلب التعبير عن المشاعر والخروج من منطقة الراحة الخاصة بي نظراً الى أنني كنت طفلاً خجولاً. كما أنني كنت أحب الفنون، فالرسم كان أفضل وسيلة للتعبير عن مشاعري في ذلك الوقت.

ومع مرور الوقت، تغيرت كافة الأمور.

اخترت دراسة تخصص علم الحاسوب في الجامعة كوني أحب المواد العلمية. ولكن ذلك لم يكن اختياري الأول اذ كنت أرغب بدراسة هندسة العمارة، فهي تجمع بين المجالين المفضلين لدي: الأرقام والفنون. في الواقع، يعد نظام القبول في الجامعات الأردنية صعباً للغاية، فعلى الرغم من حصولي على معدل 92,8% في التوجيهي (شهادة الثانوية العامة في الأردن)، لم أتمكن من دراسة هندسة العمارة، اذ كان أدنى معدل للقبول في هذا التخصص سنة 1996 هو 95%. لذا اضطررت لدراسة علم الحاسوب، وبدأت بالبحث عن الجانب الفني لهذا التخصص اذ تمكنت من العثور عليه على صفحات الويب. ولكني لم أكن أرغب بالعمل كمبرمج، لذا سعيت جاهداً للعمل كمصصم ويب الا أننى لم أنجح في ذلك كوني لا أتمتع بمهارات جيدة في التصميم الجرافيكي. وفي النهاية عملت كمطوّر واجهة المستخدم لسنوات عدة.

استمتعت بالعمل في هذا المجال في خلال السنوات الأولى فقط. اذ ساعدني العمل في مجال ترميز HTML، والفوتوشوب وتصميم الصفحات على تعزيز مهارات المنطق والتصميم. ولكن ذلك لم يحقق طموحاتي فلم أكن أحب أسلوب العمل الخاص بالشركة التي كنت أعمل لديها، اذ لم تكن تبدي اهتماماً كبيراً بالابتكار والتصميم، كما كنت أشعر بملل كبير عند أداء مهامي اليومية. في الواقع، تملكني اليأس بعد سنتين من العمل لذا تركت هذه الوظيفة وبدأت بالبحث عن مجال عمل آخر!

لقد ساعدني العمل على شبكة الانترنت على اكتشاف مهارات التواصل والكتابة لدي، فالدخول الى شبكة الانترنت لمناقشة المشاكل وحلها كان يقع ضمن مهام عملي. في الواقع، كنت أشارك أحياناً في الحوارات المتنوعة على ياهو للتحدث عن مسلسل تلفزيوني كنت أحب مشاهدته (لن أذكر اسمه). وأصبحت بعدها قادراً على التعبير عن مشاعري بشكل أفضل، اذ ساعدتني خبرتي في علم الحاسوب على تعزيز مهارات اجراء الحوارات المنطقية. ومع مرور الوقت، أصبحت أحب التعامل مع الأحرف أكثر من الأرقام.

وفي عام 2006، أنشأت مدونة خاصة بي وأصبحت قادراً على التعبير عن مشاعري بسهولة. كان لدي الكثير من الأمور التي أود مشاركتها مع الآخرين وتخلصت من عقدة الخجل. في الواقع، لم أكن أتمتع بمهارات كتابية جيدة، لكني سعيت جاهداً لتعزيز مهاراتي الابداعية وابتكار أفكار جديدة. وفجأة أدركت أن اللغة أعمق بكثير من الأرقام وأن التفكير أفضل من المنطق. وأصبحت أفضل استخدام الأحرف بدلاً من الأرقام وابتكار أفكار جديدة بدلاً من حل مسألة حسابية.

وبعدها قررت تغيير مجال عملي من تصميم الويب الى مواقع التواصل الاجتماعي اذ أصبحت أفضل الكتابة والتواصل مع الآخرين على العمل في مجال الترميز والتصميم. وتمكنت بعدها من كتابة روايتي الأولى بعنوان "عروس عمان" حيث حازت على اعجاب جمهور كبير منذ اصدارها عام 2012. وبعدها أصبحت أتمتع بشغف كبير تجاه التواصل مع الآخرين، وأصبحت أتشوق لكتابة المزيد من الكتب والتألق في هذا المجال المتميز. ومن ثم حصلت على منحة دراسية من جامعة ساسيكس في المملكة المتحدة وحصلت على درجة الماجستير في الكتابة الابداعية والتفكير الناقد مع مرتبة الشرف.

(تم التقاط هذه الصورة في خلال حفل توقيع كتابي الأول، عروس عمان)

أنتظر في الوقت الحالي اصدار كتابي الثاني بعنوان (جنة على الأرض)، قصة خيالية تدور حول جميع المواضيع التي تهمني: العلوم، والفلسفة، والاكتشاف، واللغة، والمنطق، والتصميم، والتواصل، والانجازات والابداع.

أعتقد أن الشغف يأتي مع الوقت، اذ أنني أبلغ 36 عاماً وأشعر بشغف تجاه أمور عدة في الحياة، وأصبحت أرغب باكتشاف أمور غريبة واكتساب مهارات جديدة كي أتمكن من القيام بالأمور بالطريقة التي أفضلها.

لقد علمتني مسيرتي المهنية المعقدة دورساً قيّمة في الحياة، فقد جعلتني أدرك أننا لن نتمكن أحياناُ من الحصول على ما نريد، وتعلمت مع الوقت أهمية تعزيز قدراتنا الفكرية، والتكيّف مع الواقع واستغلال جميع الفرص المتاحة أمامنا، فكل ما علينا فعله هو التقدم باستمرار.

Zeina
  • قام بإعلانها Zeina - ‏06/06/2016
  • آخر تحديث: 03/09/2020
  • قام بإعلانها Zeina - ‏06/06/2016
  • آخر تحديث: 03/09/2020
تعليقات
(0)